هاجر الرسول إلى المدينة المنورة، مع أبي بكر الصديق بما عرف بـ عام الهجرة.
وفشلت محاولات قريش في تتبعه وإعادته وتجلت عناية الله في الطريق وشهدت بذلك "أم معبد" كما شهد سراقة حتى وصل إلى المدينة المنورة.
فاستقبل بفرح المؤمنين، وأنشد الأنصار طلع البدر علينا، وأقام مسجدا وحمل فيه الحجارة مع أصحابه، وآخى بين المهاجرين والأنصار، ووضع ميثاقا عظيما لتنظيم العلاقة بين المقيمين من المهاجرين والأنصار واليهود في المدينة المنورة وظهرت آثار الهجرة في مغالات التأسيس للدولة والأمة.
ونبدأ الان مع الاحاديث الشريفة عن الهجرة لنبوية
[b] حديث عائشة رضى الله عنها الطويل فى الهجرة
لم أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إلا وهما يَدِينانِ الدِّينَ، ولم يَمُرَّ علينا يومٌ إلا يأتينا فيه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم طَرَفَيِ النهارِ، بُكْرَةً وعَشِيَّةً، فلما ابتُلِيَ المسلمون خرج أبو بكرٍ مُهاجرًا نحوَ أرضِ الحَبَشةِ، حتى إذا بَرْكَ الغِمَادُ لَقِيَهُ ابنُ الدَّغِنَّةِ، وهو سَيِّدُ القارَّةِ، فقال : أين تريدُ يا أبا بكرٍ ؟ فقال أبو بكرٍ : أَخْرَجَني قومي، فأريدُ أن أَسِيحَ في الأرضِ وأعبدَ ربي . قال ابنُ الدَّغِنَّةِ : فإن مِثْلَكَ يا أبا بكرٍ لا يَخرُجُ ولا يُخْرَجُ، إنك تَكْسِبُ المعدومَ، وتَصِلُ الرحِمَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضيفَ، وتُعينُ على نوائِبِ الحَقِّ، فأنَا لك جارٌ، ارجِع واعبدْ ربَّك ببلدِكَ . فرجع وارتحل معه ابنُ الدَّغِنَّةِ، فطاف ابنُ الدَّغِنَّةِ عَشِيَّةً في أَشرافِ قريشٍ، فقال لهم : إن أبا بكرٍ لا يَخْرُجُ مِثْلُه ولا يُخْرَجُ، أَتُخرِجون رجلًا يَكْسِبُ المعدومَ، ويَصِلُ الرحِمَ، ويَحْمِلُ الكَلَّ، ويَقْرِي الضيفَ، ويُعينُ على نوائبِ الحقِّ . فلم تكذبْ قريشٌ بِجِوارِ ابنِ الدَّغِنَّةِ، وقالوا لابنِ الدَّغِنَّةِ : مُرْ أبا بكرٍ فليعبدْ ربَّه في دارِه، فلْيُصَلِّ فيها ولْيَقْرَأْ ما شاء، ولا يُؤْذِينا بذلك ولا يَسْتَعْلِن به، فإنا نَخْشَى أن يَفْتِنَ نساءَنا وأبناءَنا . فقال ذلك ابنُ الدَّغِنَّةِ لأبي بكرٍ، فلبِث بذلك يعبدُ ربَّه في دارِه، ولا يستعلنُ بصلاتِه ولا يقرأُ في غيرِ دارِه، ثم بدا لأبي بكرٍ، فابتَنَى مسجدًا بفناءِ دارِه، وكان يصلي فيه، ويقرأُ القرآنَ، فيَنْقَذِفُ عليه نساءُ المشركين وأبناؤُهم، وهم يَعْجَبونَ منه وينظرون إليه، وكان أبو بكرٍ رجلًا بَكَّاءً، لا يَمْلِكُ عينيه إذا قرأ القرآنَ، وأفزع ذلك أشرافَ قريشٍ من المشركينَ، فأرسلوا إلى ابنِ الدَّغِنَّةِ فقَدِم عليهم، فقالوا : إنا كنا أَجَرْنا أبا بكرٍ بجِوارِك، على أن يعبدَ ربَّه في دارِه، فقد جاوز ذلك، فابتَنَى مسجدًا بفِناءِ دارِه، فأَعْلَنَ بالصلاةِ والقراءةِ فيه، وإنا قد خَشِينا أن يَفْتِنَ نساءَنا وأبناءَنا، فانهَهُ، فإن أَحَبَّ أن يقتصرَ على أن يعبدَ ربَّه في دارِه فعل، وإن أَبَى إلا أن يُعْلِنَ بذلك، فَسَلْهُ أن يَرُدَّ إليك ذِمَّتَك، فإنا قد كَرِهنا أن نُخْفِرَكَ، ولَسْنا مُقِرِّينَ لأبي بكرٍ الاستِعلانَ . قالت عائشةُ : فأتى ابنُ الدَّغِنَّةِ إلى أبي بكرٍ فقال : قد عَلِمْتَ الذي عاقَدْتُ لك عليه، فإما أن تقتصرَ على ذلك، وإما أن تَرْجِعَ إلَيَّ ذِمَّتِي، فإني لا أحبُّ أن تسمعَ العربُ أني أُخْفِرْتُ في رجلٍ عَقَدْتُ له . فقال أبو بكرٍ : فإني أَرُدُّ إليك جِوارَكَ، وأَرْضَى بجِوارِ اللهِ عز وجل، والنبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يَوْمَئِذٍ بمكةَ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم للمسلمينَ : ( إني أُرِيتُ دارَ هجرتِكم، ذاتَ نخلٍ بين لابَتَيْنِ ) . وهما الحَرَّتانِ، فهاجر مَن هاجر قِبَلَ المدينةِ، ورجع عامَّةُ مَن كان هاجر بأرضِ الحبشةِ إلى المدينةِ، وتجهز أبو بكرٍ قِبَلَ المدينةِ، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : ( على رِسْلِكَ، فإني أرجو أن يُؤْذَنَ لي ) . فقال أبو بكرٍ : وهل تَرْجُو ذلك بأبي أنت ؟ قال : ( نعم ) . فحبس أبو بكرٍ نفسَه على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لِيَصْحَبَهُ، وعَلَف راحلتينِ كانتا عنده وَرَقَ السَّمُرِ، وهو الخَبْطُ، أربعةَ أشهرٍ . قال ابنُ شهابٍ : قال عروةُ : قالت عائشةُ : فبينما نحن يومًا جلوسٌ في بيتِ أبي بكرٍ في نَحْرِ الظهيرةِ، قال قائلٌ لأبي بكرٍ : هذا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم مُتَقَنِّعًا، في ساعةٍ لم يكنْ يأتينا فيها، فقال أبو بكرٍ : فِداءٌ له أبي وأمي، واللهِ ما جاء به في هذه الساعةِ إلا أمرٌ . قالت : فجاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فاستأذن، فأَذِنَ له فدخل، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لأبي بكرٍ : ( أَخْرِجْ مَن عندَك ) . فقال أبو بكرٍ : إنما هم أهلُك، بأبي أنت يا رسولَ اللهِ، قال : ( فإني قد أُذِنَ لي في الخروجِ ) . فقال أبو بكرٍ : الصحابةُ بأبي أنت يا رسولَ اللهِ ؟ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : ( نعم ) . قال أبو بكرٍ : فَخُذْ - بأبي أنت يا رسولَ اللهِ - إحدى راحِلَتَيَّ هاتين، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : ( بالثَّمَنِ ) . قالت عائشةُ : فجَهَّزْناهما أَحَثَّ الجِهازِ، وصَنَعْنا لهما سُفْرَةً في جِرابٍ، فقطعتْ أسماءُ بنتُ أبي بكرٍ قِطعةً من نِطاقِها، فربَطَتْ به على فَمِ الجِرابِ، فبذلك سُمِّيَتْ ذاتُ النِّطاقَيْنِ، قالت ثم لَحِقَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وأبو بكرٍ بغارٍ في جَبَلِ ثَوْرٍ، فكَمَنا فيه ثلاثَ ليالٍ، يبيتُ عندَهما عبدُ اللهِ بنُ أبي بكرٍ، وهو غلامٌ شابٌّ، ثَقِفٌ لَقِنٌ، فيُدْلِجُ مِن عندِهما بسَحَرٍ، فيُصبِحُ مع قريشٍ بمكةَ كبائتٍ، فلا يسمعُ أمرًا يُكتادانِ به إلا وَعاهُ، حتى يأتيَهما بخَبَرِ ذلك حين يختَلِطُ الظلامُ، ويَرْعَى عليهما عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ مولى أبي بكرٍ مِنحَةً من غَنَمٍ، فيُرِيحُها عليهما حين تذهبُ ساعةٌ من العِشاءِ، فيَبِيتانِ في رِسْلٍ، وهو لبنُ مِنحتِهِما ورَضِيفِهِما، حتى يَنعِقَ بها عامرُ بنُ فهيرةَ بغَلَسٍ، يفعلُ ذلك في كلِّ ليلةٍ من تلك الليالي الثلاثِ، واستأجر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وأبو بكرٍ رجلًا من بني الدَّيْلِ، وهو من بني عبدِ بنِ عَدِيٍّ، هاديًا خِرِّيتًا، والخِرِّيتُ الماهرُ بالهدايةِ، قد غَمَس حِلْفًا في آلِ العاصِ بنِ وائلٍ السَّهْمِيِّ، وهو على دينِ كفارِ قريشٍ، فأمِنَّاهُ فدفعا إليه راحِلَتيهما، وواعداه غارَ ثَوْرٍ بعد ثلاثِ ليالٍ، فأتاهما براحلتيهما صُبحَ ثلاثٍ، وانطلق معهما عامرُ بنُ فهيرةَ، والدليلُ، فأخذ بهم طريقَ السواحلِ .
الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3905
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
موقف رسول الله اثناء خروجه من مكة
وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخرورة فقال علمت أنك خير أرض وأحب أرض الله إلى الله عز وجل
الراوي: أبو هريرة المحدث: العيني - المصدر: عمدة القاري - الصفحة أو الرقم: 7/374
خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد
لحوق النبى وصاحبه بالغار
أن أبا بكر الصديق حدثه قال : نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار . فقلت : يا رسول الله ! لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه . فقال " يا أبا بكر ! ما ظنك باثنين الله ثالثهما " .
الراوي: أبو بكر الصديق المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2381
خلاصة حكم المحدث: صحيح
ال ابى بكر رضى الله عنهم فى خدمة الرسول
عن أسماء قالت : صنعت سفرة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في بيت أبي بكر حين أراد أن يهاجر إلى المدينة ، فلم نجد لسفرته ولا سقائه ما نربطهما به ، فقلت لأبي بكر : ما أجد إلا نطاقي ، قال : شقيه باثنين فاربطي بواحد منهما السقاء وبالآخر السفرة
الراوي: أسماء بنت أبي بكر المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: الإصابة - الصفحة أو الرقم: 4/230
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
لمَّا خرجَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ وخرجَ معهُ أبو بكرٍ احتملَ أبو بكرٍ مالَهُ كلَّهُ معهُ خمسةَ آلافِ درهمٍ أو ستَّةَ آلافِ درهمٍ قالت وانطلقَ بها معهُ قالت فدخلَ علينا جدِّي أبو قحافةَ وقد ذهبَ بصرُهُ فقالَ واللَّهِ إنِّي لأراهُ قد فجعَكم بمالِهِ معَ نفسِهِ قالت قلتُ كلَّا يا أبت إنَّهُ قد تركَ لنا خيرًا كثيرًا قالت فأخذتُ أحجارًا فتركتُها فوضعتُها في كوَّةِ لبيتِ كانَ أبي يضعُ فيها مالَهُ ثمَّ وضعتُ عليها ثوبًا ثمَّ أخذتُ بيدِهِ فقلتُ يا أبت ضع يدَكَ على هذا المالِ قالت فوضعَ يدَهُ عليهِ فقالَ لا بأسَ إن كانَ قد تركَ لكم هذا فقد أحسنَ وفي هذا لكم بلاغٌ قالت ولا واللَّهِ ما شيئًا ولكنِّي قد أردتُ إن أُسَكِّنَ الشَّيخَ بذلك
الراوي: أسماء بنت أبي بكر المحدث: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 1545
خلاصة حكم المحدث: حسن
واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلا من بني الديل ، هاديا خريتا ، وهو على دين كفار قريش ، فدفعا إليه راحلتيهما ، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال ، فأتاهما براحلتيهما صبح ثلاث .
الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2264
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
الانطلاق من الغار
اشترى أبو بكر رضي الله عنه من عازب رحلا بثلاثة عشر درهما، فقال أبو بكر لعازب : مر البراء فليحمل إلي رحلي، فقال عازب : لا، حتى تحدثنا : كيف صنعت أنت ورسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حين خرجتما من مكة، والمشركون يطلبونكم ؟ قال : ارتحلنا من مكة، فأحيينا، أو : سرينا ليلتنا ويومَنا حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة، فرميت ببصري هل أرى من ظل فآوي إليه، فإذا صخرة، أتيتها فنظرت بقية ظل لها فسويته، ثم فرشت للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيه، ثم قُلْت له : اضطجع يا نبي الله، فاضطجع النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثم انطلقت أنظر ما حولي هل أرى من الطلب أحدًا، فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة، يريد منها الذي أردنا، فسألته فقُلْت له : لمن أنت يا غلام، قال : لرجلٌ من قريش، سماه فعرفته، فقُلْت : هل في غنمك من لبن ؟ قال : نعم، قُلْت : فهل أنت حالب لبنا لنا ؟ قال : نعم، فأمرته فاعتقُلْ شاة من غنمه، ثم أمرته أن ينفض ضرعها من الغبار، ثم أمرته أن ينفض كفيه، فقال : هكذا، ضرب إحدى كفيه بالأخرى، فحلب لي كثبة من لبن، وقد جعلت لرسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إداوة على فمها خرقة، فصببت على اللبن حتى برد أسفله، فانطلقت به إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فوافقته قد استيقظ، فقُلْت : اشرب يا رسولَ اللهِ، فشرب حتى رضيت، ثم قُلْت : قد آن الرحيل يا رسولَ اللهِ ؟ قال : ( بلى ) . فارتحلنا والقوم يطلبوننا، فلم يدركنا أُحُدٍ منهم غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له، فقُلْت : هذا الطلب قد لحقنا يا رسولَ اللهِ، فقال : ( لا تحزن إن الله معنا ) .
الراوي: أبو بكر الصديق المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3652
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
حادثة سراقة بن مالك ولحوقه برسول الله
جاءنا رسل كفار قريش ، يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، دية كل واحد منهما ، لمن قتله أو أسره ، فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس بني مدلج ، أقبل رجل منهم ، حتى قام علينا ونحن جلوس ، فقال يا سراقة : إني قد رأيت آنفا أسودة بالساحل ، أراها محمدا وأصحابه ، قال سراقة : فعرفت أنهم هم ، فقلت له : إنهم ليسوا بهم ، ولكنك رأيت فلانا وفلانا ، انطلقوا بأعيينا ، ثم لبثت في المجلس ساعة ، ثم قمت فدخلت ، فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي وهي من وراء أكمة ، فتحبسها علي ، وأخذت رمحي ، فخرجت به من ظهر البيت ، فحططت بزجه الأرض ، وخفضت عاليه ، حتى أتيت فرسي فركبتها ، فرفعتها تقرب بي ، حتى دنوت منهم ، فعثرت بي فرسي ، فخررت عنها ، فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي ، فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها : أضرهم أم لا ، فخرج الذي أكره ، فركبت فرسي ، وعصيت الأزلام ، تقرب بي حتى سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت ، وأبو بكر يكثر الالتفات ، ساخت يدا فرسي في الأرض ، حتى بلغتا الركبتين ، فخررت عنها ، ثم زجرتها فنهضت ، فلم تكد تخرج يديها ، فلما استوت قائمة ، إذا لأثر يديها عثان ساطع في السماء مثل الدخان ، فاستقسمت بالأزلام ، فخرج الذي أكره ، فناديتهم بالأمان فوقفوا ، فركبت فرسي حتى جئتهم ، ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم ، أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقلت له : إن قومك قد جعلوا فيك الدية ، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم ، وعرضوا عليهم الزاد والمتاع ، فلم يرزآني ولم يسألاني ، إلا أن قال : ( أخف عنا ) . فسألته أن يكتب لي كتاب أمن ، فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أديم ، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الراوي: سراقة بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3906
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
أقبل نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلى المدينةِ وهو مردفٌ أبا بكرٍ، وأبو بكرٍ شيخٌ يُعرف، ونبيُّ الله شابٌّ لا يُعرف، قال : فيلقى الرجلُ أبا بكرٍ فيقول : يا أبا بكرٍ، من هذا الرجل الذي بين يدَيك، فيقول : هذا الرجلُ يهديني السبيلَ . قال : فيحسب الحاسبُ أنه إنما يعني الطريقَ، وإنما يعني سبيلَ الخيرِ . فالتفت أبو بكر فإذا هو بفارسٍ قد لحقهم، فقال : يا رسولَ اللهِ، هذا فارسٌ قد لحق بنا . فالتفت نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال : ( اللهمَّ اصرعْه ) . فصرعه الفرسُ، ثم قامت تحمحِمُ، فقال : يا نبيَّ اللهِ، مُرني بما شئتَ، قال : ( فقفْ مكانَك، لا تتركن أحدًا يلحق بنا ) . قال : فكان أولَ النهارِ جاهدًا على نبيِّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وكان آخرَ النهارِ مسلحةً له، فنزل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ جانب الحرَّةِ، ثم بعث إلى الأنصارِ فجاؤوا إلى نبيِّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأبي بكرٍ فسلَّموا عليهما، وقالوا : اركبا آمنَين مطاعَين . فركب نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأبو بكرٍ، وحفُّوا دونهما بالسلاحِ، فقيل في المدينةِ : جاء نبيُّ اللهِ، جاء نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فأشرفوا ينظرون ويقولون : جاء نبيُّ اللهِ، جاء نبيُّ اللهِ، فأقبل يسير حتى نزل جانبَ دارِ أبي أيوبٍ، فإنه ليحدِّث أهلَه إذ سمع به عبدُ اللهِ بنُ سلامٍ، وهو في نخلٍ لأهلِه يخترفُ لهم، فعجِل أن يضع الذي يخترفُ لهم فيها، فجاء وهي معه، فسمع من نبيِّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ثم رجع إلى أهلِه . فقال نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ( أي بيوتُ أهلِنا أقربُ ) . فقال أبو أيوبٍ : أنا يا نبيَّ اللهِ، هذه داري وهذا بابي، قال : ( فانطلِق فهيئْ لنا مقيلًا ) . قال : قوما على بركةِ اللهِ، فلما جاء نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ جاء عبدُ اللهِ بنُ سلامٍ فقال : أشهدُ أنك رسولُ اللهِ، وأنك جئت بحقٍّ، وقد علمتْ يهودُ أني سيدُهم وابنُ سيدِهم، وأعلمُهم وابنُ أعلمِهم، فادعُهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمتُ، فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمتُ قالوا في ما ليس فيَّ . فأرسل نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فأقبلوا فدخلوا عليه، فقال لهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ( يا معشرَ اليهودِ، ويلكم، اتقوا اللهَ، فوالله الذي لا إله إلا هو، إنكم لتعلمون أني رسولُ اللهِ حقًّا، وأني جئتُكم بحقٍّ، فأسلِموا ) . قالوا : ما نعلمه، قالوا للنبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، قالها ثلاثَ مرارٍ، قال : ( فأيُّ رجلٍ فيكم عبدُ اللهِ بنُ سلامٍ ) . قالوا : ذاك سيدُنا وابنُ سيدِنا، وأعلمُنا وابنُ أعلمِنا . قال : ( أفرأيتُم إن أسلمَ ) . قالوا : حاشى للهِ ما كان ليسلمَ، قال : ( أفرأيتُم إن أسلَم ) . قالوا : حاشى للهِ ما كان ليسلِمَ، قال : ( أفرأيتُم إن أسلمَ ) . قالوا : حاشى للهِ ما كان ليسلمَ، قال : ( يا ابنَ سلامٍ اخرجْ عليهم ) . فخرج فقال : يا معشرَ اليهودِ اتقوا اللهَ، فواللهِ الذي لا إله إلا هو، إنكم لتعلمون أنه رسولُ اللهِ، وأنه جاء بحق . فقالوا : كذبتَ، فأخرجَهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3911
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
جاء أبو بكر الصديق إلى أبي في منزله . فاشترى منه رحلا . فقال لعازب : ابعث معي ابنك يحمله معي إلى منزلي . فقال لي أبي : احمله . فحملته . وخرج أبي معه ينتقد ثمنه . فقال له أبي : يا أبا بكر ! حدثني كيف صنعتما ليلة سريت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : نعم . أسرينا ليلتنا كلها . حتى قام قائم الظهيرة . وخلا الطريق فلا يمر فيه أحد . حتى رفعت لنا صخرة طويلة لها ظل . لم تأت عليه الشمس بعد . فنزلنا عندها . فأتيت الصخرة فسويت بيدي مكانا . ينام فيه النبي صلى الله عليه وسلم في ظلها . ثم بسطت عليه فروة . ثم قلت : نم . يا رسول الله ! وأنا أنفض لك ما حولك . فنام . وخرجت أنفض ما حوله . فإذا أنا براعي غنم مقبل بغنمه إلى الصخرة ، يريد منها الذي أردنا . فلقيته فقلت : لمن أنت ؟ يا غلام ! فقال : لرجل من أهل المدينة . قلت : أفي غنمك لبن ؟ قال : نعم . قلت : أفتحلب لي ؟ قال : نعم . فأخذ شاة . فقلت له : انفض الضرع من الشعر والتراب والقذى ( قال فرأيت البراء يضرب بيده على الأخرى ينفض ) فحلب لي ، في قعب معه ، كثبة من لبن . قال ومعي إدواة أرتوي فيها للنبي صلى الله عليه وسلم ، ليشرب منها ويتوضأ . قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم . وكرهت أن أوقظه من نومه . فوافقته استيقظ . فصببت على اللبن من الماء حتى برد أسفله . فقلت : يا رسول الله ! اشرب من هذا اللبن . قال فشرب حتى رضيت . ثم قال " ألم يأن للرحيل ؟ " قلت : بلى . قال فارتحلنا بعد ما زالت الشمس . واتبعنا سراقة بن مالك . قال ونحن في جلد من الأرض . فقلت : يا رسول الله ! أتينا . فقال " لا تحزن إن الله معنا " فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم . فارتطمت فرسه إلى بطنها . أرى فقال : إني قد علمت أنكما قد دعوتما علي . فادعوا لي . فالله لكما أن أرد عنكما الطلب . فدعا الله . فنجى . فرجع لا يلقى أحدا إلا قال : قد كفيتكم ما ههنا . فلا يلقى أحدا إلا رده . قال ووفى لنا . وفي رواية : اشترى أبو بكر من أبي رحلا بثلاثة عشر درهما . وساق الحديث . بمعنى حديث زهير عن أبي إسحاق . وقال في حديثه ، من رواية عثمان بن عمر : فلما دنا دعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم . فساخ فرسه في الأرض إلى بطنه . ووثب عنه . وقال : يا محمد ! قد علمت أن هذا عملك . فادع الله أن يخلصني مما أنا فيه . ولك علي لأعمين على من ورائي . وهذه كنانتي . فخذ سهما منها . فإنك ستمر على إبلي وغلماني بمكان كذا وكذا . فخذ منها حاجتك . قال " لا حاجة لي في إبلك " فقدمنا المدينة ليلا . فتنازعوا أيهم ينزل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال " أنزل على بني النجار ، أخوال عبدالمطلب ، أكرمهم بذلك " فصعد الرجال والنساء فوق البيوت . وتفرق الغلمان والخدم في الطرق . ينادون : يا محمد ! يا رسول الله ! يا محمد ! يا رسول الله !
الراوي: البراء بن عازب المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2009
خلاصة حكم المحدث: صحيح
حديث ام معبد
أنَّ رسولَ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ – حين أُخرجَ من مكةَ ؛ خرج مهاجرًا إلى المدينةِ : هو وأبو بكرٍ، ومولى أبي بكرٍ عامرُ بنُ فُهَيرَةَ، ودليلُهما عبدُ اللهِ الليثيُّ ؛ مرُّوا على خيمتي أمِّ معبدٍ، فسَألوها لحمًا وتمرًا ليشتروا منها، فلم يُصيبوا عندَها شيئًا من ذلكَ،وكان القومُ مُرمِلينَ مُسنِتينَ، فنظر رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ – إلى شاةٍ في كسرِ الخيمةِ، فقال :ما هذه الشاةُ يا أمَّ معبدٍ ؟ !، قالت : شاةٌ خلَّفها الجهدُ عن الغنمِ، قال : هل بها منْ لبنٍ ؟، قالت : هي أجهدُ من ذلكَ، قال : أتأْذنينَ لي أن أحلُبَها ؟، قالتْ : بأبي أنتَ وأمِّي ! إن رأيتَ بها حلبًا فاحلُبْها، فدعا بها رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ –، فمسح بيدهِ ضَرعَها، وسمى اللهَ – تعالى -، ودعا لها في شاتِها، فتفاجَّت عليهِ، ودرَّت واجترَّت، فدعا بإناء يربضُ الرهطُ، فحلب فيهِ ثجًّا، حتى علاهُ البهاءُ، ثمَّ سقاها حتى رَوِيتْ، وسقى أصحابَهُ حتى رَوَوْا، ثمَّ شرب آخرُهم، ثمَّ حلب فيه ثانيًا بعدَ بدءٍ، حتى ملأَ الإناءَ، ثمَّ غادرهُ عندَها وبايعَها، وارتحَلوا عنها
الراوي: حبيش بن خالد المحدث: الألباني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 5886
خلاصة حكم المحدث: قد يرتقي الحديث إلى الحسن أو الصحة بطرق
وصول الرسول الى المدينة واستقبال الانصار له
أوَّلُ من قدِمَ علينا من أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ وابنُ أمِّ مَكْتُومٍ ، فَجَعَلا يُقْرِئَانِنَا القرآنَ ، ثم جاءَ عمارٌ وبلالٌ وسعدٌ ، ثم جاءَ عمرُ بنُ الخطابِ في عشرينَ ، ثم جاء النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فمَا رأيتُ أهلَ المدينةِ فرِحُوا بشيءٍ فرحَهُمْ بهِ ، حتى رأيتُ الولائِدَ والصبيانَ يقولونَ : هذا رسولُ اللهِ قدْ جاءَ ، فمَا جاءَ حتى قرأتُ : { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى } . في سورٍ مثلِهَا .
الراوي: البراء بن عازب المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4941
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
لما قدم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ المدينةَ، نزل في علوِّ المدينةِ، في حيٍّ يقال لهم بنو عمرو بن عوفٍ، قال : فأقام فيهم أربعَ عشرةَ ليلةً، ثم أرسل إلى ملأِ بني النجارِ، قال : فجاؤوا متلِّقدي سيوفَهم، قال : وكأني أنظر إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على راحلته وأبو بكر رَدفُه، وملأ بني النجار حوله، حتى ألقى بفناءِ أبي أيوبٍ، قال : فكان يصلي حيث أدركته الصلاةُ، ويصلي في مرابضِ الغنمِ، قال : ثم أمر ببناءِ المسجدَ، فأرسل إلى ملأ بني النجارِ فجاؤوا، فقال : ( يا بني النجارِ، ثامنوني حائطَكم هذا ) . فقالوا : لا واللهِ، لا نطلب ثمنَه إلا إلى اللهِ . قال : فكان فيه ما أقولُ لكم، كانت فيه قبورُ المشركين، وكانت فيه خربٌ، وكان فيه نخلٌ، فأمر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بقبورِ المشركين فنُبشتْ، وبالخربِ فسويتْ، وبالنخلِ فقطع، قال : فصفوا النخلَ قبلةَ المسجدِ، قال : وجعلوا عضادَتيهِ حجارةً، قال : جعلوا ينقلون ذاك الصخرَ وهم يرتجزون، ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ معهم، يقولون : ( اللهم إنه لا خيرَ إلا خيرَ الآخره، فانصرِ الأنصارَ والمهاجرَه ) .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3932
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
أول ما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه ، فكنت فيمن جاءه ، فلما تأملت وجهه واستثبته علمت أن وجهه ليس بوجه كذاب ! قال : وكان أول ما سمعت من كلامه أن قال : أيها الناس ، أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام .
الراوي: عبدالله بن سلام المحدث: الألباني - المصدر: فقه السيرة - الصفحة أو الرقم: 199
خلاصة حكم المحدث: صحيح على شرط الشيخين
[/b]