مفاهيم سياسية -الخبر والحدث -أبو عبد الرحمن
مفاهيم سياسية
الخبر والحدث
أبو عبد الرحمن
إنَّ من الأمور التي يجب على المسلمين الاشتغال بها هي السياسة كما اشتغل بها الأنبياء من قبل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء " وإعطاء الرأي السياسي الصحيح للأمة فهذا من باب النصح لها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " الدِّينُ النَّصِيحَةُ قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهم "، وعن جرير بن عبد الله البجلي قال : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم " متفق عليه. وإعطاء الرأي السياسي الصحيح للأمة لا يكون إلا عن طريق تتبع الأخبار والأحداث فمعرفة الخبر والحدث أمر مهم جداً:
فالخبر: هو ما يُنقل ويُحَدَّث به قولاً أو كتابة؛ وهوما يحتمل الكذب أو التصديق كتصريح وزير خارجية قطر – مثلاً - بأنَّه سيدعم المعارضة السورية بالمال والسلاح!!. ولمعرفة صحة الخبر من كذبه يجب تتبع جميع الوقائع والحوادث التي وقعت في العالم وعلاقتها به. ويجب تتبع جميع الأخبار والتميز بين صحة الخبر وكذبه عن طريق تمحيصه تمحيصاً تاماً فيُعرَف مصدر الخبر ووقوع الواقعة والحادثة التي ذكرت بالخبر وزمانها والوضع الذي حصلت فيه والقصد من وجودها ومن سوق الخبر وصدقه وكذبه إلى غير ذلك من التمحيص لأنَّ هذا التمحيص هو الذي يُوجد التميز بين كذب الخبر وصحته وبدون التميز لا يمكن أخذ الخبر. فإنَّ التميز عامل مهم في أخذ الخبر أو رده ناهيك على أنَّه امتثال لقوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا".
ولا بد من ربط الخبر مع معلومات صحيحة، وهذا الربط يؤدي للحكم الصحيح على الخبر، فالخبر إذا كان متعلقاً بالسياسة الدولية ورُبِطَ بالسياسية المحلية كان خطأً فادحاً، والمعلومات الصحيحة التي يُربط بها الخبر ضرورية أيضاً لمعرفة مدلولات الخبر سواءاً أكانت معلومات جغرافية أو تاريخية أو فكرية أو سياسية أو ما شاكل ذلك.
ويجب على السياسي أن لا يـأخذ إلا الخبر الهام المفيد، وألَّا يضيع وقته بأخبار غير مهمة ومكررة دائماً أو أخبار معروفة سلفاً أنها كذب، كالأخبار التي تقول بأنَّ من يطالبون بالدولة الإسلامية متطرفون أو ما شاكل ذلك، أو القول بأنَّ الثائرين ضد النظام السوري هم مجموعة من المرتزقة أو إرهابيون. فهذه الأخبار معروفة سلفاً أنَّها كذب ولا داعي لتضيع الوقت لتتبعها.
ويجب أنّ يُمَيَّزَ بين ما يؤخذ من الأخبار وما لا يؤخذ - وإن كان السياسي يسمع الأخبار كلها - وإنّما الأخذ للأخبار المفيدة.
ومن الأمور الهامة لدى السياسي تحليل الأخبار: فمن يتتبع الأخبار ولا يحللها هو كمن لا يتتبعها مطلقاً من حيث المعرفة، وكمن يسيء إلى نفسه وأمته من حيث الضرر ، لأنّه حينئذ يعطي الآراء بحسب ظواهر الأخبار ، فيَضِلُّ ويُضَلِّل . ولذلك كان تحليل الأخبار أمراً ضرورياً في تتبعها ، فالتحليل أمر لازم للتتبع
إلاّ أنّ هذا التتبع والتحليل إذا جرى الوقوف عند حده ، والاقتصار عليه ، ثم نقله للناس لا يجعل المرء رجلاً سياسياً ، وبالتالي لا يمكنه من العمل لإيجاد الوسط السياسي ، ولا العمل في الوسط السياسي وإنّما يجعله صحفياً ينقل الأخبار ، وينقل تحليلها ، أي يجعله مصدراً للأخبار ، ومصدراً لحسن فهمها ، ولا يجعله سياسياً، ولا يمكنه أن يعمل لإيجاد الوسط السياسي ، ولا في الوسط السياسي ، ولذلك لا بد أن يقرن التتبع والتحليل بإعطاء الرأي في هذه الأخبار للناس. ولذلك كان من نافلة القول أن يقال أن الغاية من هذا التتبع والتحليل هي أن يعطي الرأي فيها للأمة. فإن هذا بديهي ، أو يجب أن يكون من البديهيات وإعطاء الرأي للأمة هو كما أشرنا في البداية من باب النصح للأمة الإسلامية. وإعطاء هذا الرأي لا يصح أن يكون إعطاءً حيادياً ، ومجرد بيان للفهم ، بل يجب أن يكون هذا الرأي صادراً من زاوية النظرة المعينة للحياة ، أو مرتكزاً إلى زاوية النظرة المعينة للحياة ، أي يجب أن يكون صادراً عن وعي سياسي ، أو مرتكزاً إلى وعي سياسي . فإنه حينئذ يكون رأياً سياسياً له وزنه وله قيمته وإعطاء هذا الرأي على هذا الوجه هو الذي يجعله رعاية لشؤون الناس. لذلك كان على كل شخص حتى يكون سياسياً وحتى يتمكن من العمل لإيجاد الوسط السياسي أو العمل فيه ، أن يستكمل أربعة أمور :
أولها: أن يتتبع الأخبار السياسية.
والثاني: أن يحلل هذه الأخبار.
والثالث: أن يعطي رأيه فيها للناس.
والرابع: أن يكون هذا الرأي صادراً عن زاوية خاصة تتعلق بوجهة النظر في الحياة ، أو مرتكزاً إلى هذه الزاوية .
أما بالنسبة للحدث: فهو الأمر الذي وقع ولا يحتمل الكذب أو التصديق - كزيارة هيلاري كلنتون وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية لمصر بُعيد الهجوم الإسرائيلي على غزة - ودراسة الطبيعة السياسية للحدث مهم جداً للحكم على الأحداث السياسية في العالم ولذلك يجب أن تكون المعلومات السياسية في مستوى الموضوع السياسي المراد البحث عنه. ويجب معرفة مكان وقوع الواقعة والحادثة وزمانها والوضع الذي حصلت فيه والقصد من وجودها ولا ننسى أنه يجب الربط بين الحدث السياسي وما حوله من الأحداث. كما يجب تجنب الشمولية والقياسي الشمولي للأحداث السياسة فيدرس كل حدث وحده ولا يقاس على غيره فلا تُقاس الثورة في سوريا على الثورة في مصر.
وسوء التفكير السياسي هو خطير على الأمة والدولة فسوء التفكير السياسي عند الدولة العثمانية، وعدم وضوح وجهة النظر لديها في الحكم على الأحداث التي كانت سبباً في تقطع جسم الدولة، لأنها كانت غافلة أن الدول الكبرى كانت تحرك ما سمي بالثورات لتفكيكها ثم القضاء على الخلافة العثمانية، فلا يقاس هذا على حروب الردة التي قام بها الصديق أبو بكر رضي الله عنه بل إصراره عليها على الرغم من معارضة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو دليل على وعيه السياسي لأنه كان يدرك أن حركة المرتدين سوف تؤدي للقضاء على الدولة الإسلامية . فحتى يكون المسلم مسؤولاً عن العالم يجب أن يدرك الأحداث السياسية في العالم حتى يحكم عليها وبالتالي يتمكن من العمل لتلافيها أو القيام بأعمال سياسية مضادة ، فيجب أن: ينوع مصادر المعلومات، ويكون عنده رؤية للحدث بعمق، وينصح الأمة الإسلامية ويساعد في ارتقاء فهمها.
ومن الجدير بالذكر أن نذكر الحدثان البارزان في تاريخ الإنسانية كان لهما الأثر البالغ في تغير مجرى الأحداث اليومية في أحداث البشرية أما الحدث الأول فهو بعثة سيد الخلق وإمام المتقين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بعثه الله ليخرج الناس من عبادة الأصنام إلى عبادة رب الأرباب أما الحدث الثاني فهو هدم الخلافة وتقويض بنيانها وتقطيع أوصالها ومحوها من الوجود على يد مصطفى كمال أتاتورك عام 1924م
Foto: مفاهيم سياسية الخبر والحدث أبو عبد الرحمن إنَّ من الأمور التي يجب على المسلمين الاشتغال بها هي السياسة كما اشتغل بها الأنبياء من قبل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء " وإعطاء الرأي السياسي الصحيح للأمة فهذا من باب النصح لها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " الدِّينُ النَّصِيحَةُ قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهم "، وعن جرير بن عبد الله البجلي قال : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم " متفق عليه. وإعطاء الرأي السياسي الصحيح للأمة لا يكون إلا عن طريق تتبع الأخبار والأحداث فمعرفة الخبر والحدث أمر مهم جداً: فالخبر: هو ما يُنقل ويُحَدَّث به قولاً أو كتابة؛ وهوما يحتمل الكذب أو التصديق كتصريح وزير خارجية قطر – مثلاً - بأنَّه سيدعم المعارضة السورية بالمال والسلاح!!. ولمعرفة صحة الخبر من كذبه يجب تتبع جميع الوقائع والحوادث التي وقعت في العالم وعلاقتها به. ويجب تتبع جميع الأخبار والتميز بين صحة الخبر وكذبه عن طريق تمحيصه تمحيصاً تاماً فيُعرَف مصدر الخبر ووقوع الواقعة والحادثة التي ذكرت بالخبر وزمانها والوضع الذي حصلت فيه والقصد من وجودها ومن سوق الخبر وصدقه وكذبه إلى غير ذلك من التمحيص لأنَّ هذا التمحيص هو الذي يُوجد التميز بين كذب الخبر وصحته وبدون التميز لا يمكن أخذ الخبر. فإنَّ التميز عامل مهم في أخذ الخبر أو رده ناهيك على أنَّه امتثال لقوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا". ولا بد من ربط الخبر مع معلومات صحيحة، وهذا الربط يؤدي للحكم الصحيح على الخبر، فالخبر إذا كان متعلقاً بالسياسة الدولية ورُبِطَ بالسياسية المحلية كان خطأً فادحاً، والمعلومات الصحيحة التي يُربط بها الخبر ضرورية أيضاً لمعرفة مدلولات الخبر سواءاً أكانت معلومات جغرافية أو تاريخية أو فكرية أو سياسية أو ما شاكل ذلك. ويجب على السياسي أن لا يـأخذ إلا الخبر الهام المفيد، وألَّا يضيع وقته بأخبار غير مهمة ومكررة دائماً أو أخبار معروفة سلفاً أنها كذب، كالأخبار التي تقول بأنَّ من يطالبون بالدولة الإسلامية متطرفون أو ما شاكل ذلك، أو القول بأنَّ الثائرين ضد النظام السوري هم مجموعة من المرتزقة أو إرهابيون. فهذه الأخبار معروفة سلفاً أنَّها كذب ولا داعي لتضيع الوقت لتتبعها. ويجب أنّ يُمَيَّزَ بين ما يؤخذ من الأخبار وما لا يؤخذ - وإن كان السياسي يسمع الأخبار كلها - وإنّما الأخذ للأخبار المفيدة. ومن الأمور الهامة لدى السياسي تحليل الأخبار: فمن يتتبع الأخبار ولا يحللها هو كمن لا يتتبعها مطلقاً من حيث المعرفة، وكمن يسيء إلى نفسه وأمته من حيث الضرر ، لأنّه حينئذ يعطي الآراء بحسب ظواهر الأخبار ، فيَضِلُّ ويُضَلِّل . ولذلك كان تحليل الأخبار أمراً ضرورياً في تتبعها ، فالتحليل أمر لازم للتتبع إلاّ أنّ هذا التتبع والتحليل إذا جرى الوقوف عند حده ، والاقتصار عليه ، ثم نقله للناس لا يجعل المرء رجلاً سياسياً ، وبالتالي لا يمكنه من العمل لإيجاد الوسط السياسي ، ولا العمل في الوسط السياسي وإنّما يجعله صحفياً ينقل الأخبار ، وينقل تحليلها ، أي يجعله مصدراً للأخبار ، ومصدراً لحسن فهمها ، ولا يجعله سياسياً، ولا يمكنه أن يعمل لإيجاد الوسط السياسي ، ولا في الوسط السياسي ، ولذلك لا بد أن يقرن التتبع والتحليل بإعطاء الرأي في هذه الأخبار للناس. ولذلك كان من نافلة القول أن يقال أن الغاية من هذا التتبع والتحليل هي أن يعطي الرأي فيها للأمة. فإن هذا بديهي ، أو يجب أن يكون من البديهيات وإعطاء الرأي للأمة هو كما أشرنا في البداية من باب النصح للأمة الإسلامية. وإعطاء هذا الرأي لا يصح أن يكون إعطاءً حيادياً ، ومجرد بيان للفهم ، بل يجب أن يكون هذا الرأي صادراً من زاوية النظرة المعينة للحياة ، أو مرتكزاً إلى زاوية النظرة المعينة للحياة ، أي يجب أن يكون صادراً عن وعي سياسي ، أو مرتكزاً إلى وعي سياسي . فإنه حينئذ يكون رأياً سياسياً له وزنه وله قيمته وإعطاء هذا الرأي على هذا الوجه هو الذي يجعله رعاية لشؤون الناس. لذلك كان على كل شخص حتى يكون سياسياً وحتى يتمكن من العمل لإيجاد الوسط السياسي أو العمل فيه ، أن يستكمل أربعة أمور : أولها: أن يتتبع الأخبار السياسية. والثاني: أن يحلل هذه الأخبار. والثالث: أن يعطي رأيه فيها للناس. والرابع: أن يكون هذا الرأي صادراً عن زاوية خاصة تتعلق بوجهة النظر في الحياة ، أو مرتكزاً إلى هذه الزاوية . أما بالنسبة للحدث: فهو الأمر الذي وقع ولا يحتمل الكذب أو التصديق - كزيارة هيلاري كلنتون وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية لمصر بُعيد الهجوم الإسرائيلي على غزة - ودراسة الطبيعة السياسية للحدث مهم جداً للحكم على الأحداث السياسية في العالم ولذلك يجب أن تكون المعلومات السياسية في مستوى الموضوع السياسي المراد البحث عنه. ويجب معرفة مكان وقوع الواقعة والحادثة وزمانها والوضع الذي حصلت فيه والقصد من وجودها ولا ننسى أنه يجب الربط بين الحدث السياسي وما حوله من الأحداث. كما يجب تجنب الشمولية والقياسي الشمولي للأحداث السياسة فيدرس كل حدث وحده ولا يقاس على غيره فلا تُقاس الثورة في سوريا على الثورة في مصر. وسوء التفكير السياسي هو خطير على الأمة والدولة فسوء التفكير السياسي عند الدولة العثمانية، وعدم وضوح وجهة النظر لديها في الحكم على الأحداث التي كانت سبباً في تقطع جسم الدولة، لأنها كانت غافلة أن الدول الكبرى كانت تحرك ما سمي بالثورات لتفكيكها ثم القضاء على الخلافة العثمانية، فلا يقاس هذا على حروب الردة التي قام بها الصديق أبو بكر رضي الله عنه بل إصراره عليها على الرغم من معارضة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو دليل على وعيه السياسي لأنه كان يدرك أن حركة المرتدين سوف تؤدي للقضاء على الدولة الإسلامية . فحتى يكون المسلم مسؤولاً عن العالم يجب أن يدرك الأحداث السياسية في العالم حتى يحكم عليها وبالتالي يتمكن من العمل لتلافيها أو القيام بأعمال سياسية مضادة ، فيجب أن: ينوع مصادر المعلومات، ويكون عنده رؤية للحدث بعمق، وينصح الأمة الإسلامية ويساعد في ارتقاء فهمها. ومن الجدير بالذكر أن نذكر الحدثان البارزان في تاريخ الإنسانية كان لهما الأثر البالغ في تغير مجرى الأحداث اليومية في أحداث البشرية أما الحدث الأول فهو بعثة سيد الخلق وإمام المتقين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بعثه الله ليخرج الناس من عبادة الأصنام إلى عبادة رب الأرباب أما الحدث الثاني فهو هدم الخلافة وتقويض بنيانها وتقطيع أوصالها ومحوها من الوجود على يد مصطفى كمال أتاتورك عام 1924م.