﴿ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ﴾
من محبة الله تعالى للصالحين.. الذين هم أهل الجنة.. أن الله يجمع لهم بين سعادتي الدنيا والآخرة..
واعلم أن الملل الدائم الذي ينزله الله بمن عصاه.. أو طلب السعادة في غير رضاه.. يضيق على أهل المعصية دنياهم.. وينغص عليهم عيشهم.. حتى يتحول ما يسعون وراءه من متع إلى عذاب يتعذبون به..
فلماذا..؟!
لماذا يتحول سماعهم للغناء.. ومواقعتهم للفحشاء.. وشربهم للخمر.. ونظرهم إلى الحرام.. لماذا يتحول هذا إلى ضيق بعد أن كان سعة.. وحزن بعد أن كان فرحة.. لماذا ؟
الجواب واضح.. لأن الله تعالى خلق الإنسان لوظيفة واحدة.. لا يمكن أن تستقيم حياته لو اشتغل بغيرها..﴿ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ﴾
فلما استعمل الإنسان جسده وروحه لغير الوظيفة التي خلق لأجلها تحولت حياته إلى جحيم , وخذ مثالاً على ذلك : لو أن رجلاً يمشي في طريق فانقطع نعله فجأة فلما رأى ذلك قال : لا مشكلة أستعمل القلم بدل النعل ثم وضع قلمه تحت رجله وأراد المشي.. لقلنا له : أنت مجنون لأن القلم صنع للكتابة ولم يصنع للمشي..
وكذلك لو احتاج قلماً فلم يجد فقال:لا مشكلة أكتب بحذائي..!! ثم تناول حذاءه وبدأ يجرّه على الورق!! لقلنا له :أنت مجنون لأن الحذاء إنما صنع لوظيفة واحدة هي المشي ولم يصنع للكتابة..
وكذلك الإنسان.. خلق لوظيفة واحدة هي طاعة الله وعبادته.. فمن استعمل حياته لغير هذه الوظيفة فلا بد أن يضل ويشقى..
ولو نظرت في حال من استعملوا حياتهم لغير ما خلقوا له لوجدت في حياتهم من الفساد والضياع ما لا يوجد عند غيرهم.. هلا تسألت معي : لماذا يكثر الانتحار في بلاد الإباحيَّة والفجور..؟
لماذا ينتحر في أمريكا سنوياً أكثر من خمسة وعشرين ألف شخص..؟
وقل مثل ذلك في بريطانيا.. وقل مثله في فرنسا.. والسويد..وغيرها..!
لماذا ينتحرون؟!..
ألم يجدوا خموراً يشربون؟.. كلا.. بل الخمور كثيرة..
ألم يجدوا بلاداً يسافرون؟.. كلا..بل البلاد واسعة..
أم منعوا من الزنا؟
أم حيل بينهم وبين الملاعب والملاهي..
كلا.. بل هم يفعلون ما شاءوا.. يتقلبون بين متع أعينهم.. وأبصارهم وفروجهم..
إذن.. لماذا ينتحرون.. لماذا يملون من حياتهم؟!
لماذا يتركون الخمور والزنا والملاهي.. ويختارون الموت.. لماذا..؟؟
الجواب واضح ﴿ ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً.. ﴾
تلاحقهم المعيشة الضنك في ذهاب أحدهم ومجيئه.. وسفره وإقامته.. تأكل معه وتشرب.. تقوم معه وتقعد.. تلازمه في نومه ويقظته.. تنغص عليه حياته حتى الموت..
ومن أعرض عن الله وتكبر..ألقى الله عليه الرعب الدائم..قال الله:﴿ سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب.. ﴾ لماذا؟﴿ بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين.. ﴾
أما العارفون لربهم.. المقبلون عليه بقلوبهم فهم السعداء﴿ من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون.. ﴾
وختاماً:أيها الأخ الحبيب.. أيتها الأخت الكريمة.. هذه وصايا استخرجتها لك من مكنون نصحي.. سكبت فيها روحي.. وصدقتك فيها النصح والتوجيه.. فلا يكن نصيبي منك أقل من دعوة لي بظهر الغيب تستنزل بها الرحمات لي ولك من أرحم الراحمين.
والله تعالى أعلم.. وصلى الله وسلم على نبينا محمد..
كتبه / د. محمد بن عبد الرحمن العريفي
الرياض 6 / 6 / 1422 ﻫ
ص . ب 151597 – الرياض 11775
Arefy@hotmail.com
" اللهم اجعلنا من أهل الجنة " " اللهم ارضى عنا "