قوله تعالى " يَسئَلونَكَ عَنِ الأَنفالِ قُلِ الأَنفالُ للهِ وَالرَسولِ " الآية.
أخبرنا أبو سعد النضروي قال: أخبرنا أبو بكر القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا أبو إسحاق الشيباني عن محمد بن عبد الله الثقفي عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان يوم بدر قتل أخي عمير وقتل سعيد بن العاص وأخذت سيفه وكان يسمى ذا الكثيفة فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم قال: اذهب فاطرحه في القبض قال: فرجعت وبي مالا يعلمه إلا الله من قتل أخي وأخذ سلبي فما جاوزت إلا قريباً حتى نزلت سورة الأنفال فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اذهب فخذ سيفك.
وقال عكرمة عن ابن عباس: لما كان يوم بدر وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فعل كذا وكذا فله كذا وكذا فذهب شباب الرجال وجلس الشيوخ تحت الرايات فلما كانت الغنيمة جاء الشباب يطلبون نفلهم فقال الشيوخ: لا تستأثروا علينا فإنا كنا تحت الرايات ولو انهزمتم كنا لكم ردءاً فأنزل الله تعالى " يَسأَلونَكَ عَنِ الأَنفالِ " فقسمها بينهما بالسواء.
أخبرنا أبو بكر الحارث قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو يحيى قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا يحيى بن زائدة عن ابن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحرث عن سليمان بن موسى الأشدق عن ابن مكحول عن أبي سلام الباهلي عن أبي أمامة الباهلي عن عبادة بن الصامت قال: لما هزم العدو يوم بدر واتبعتهم طائفة يقتلونهم وأحدقت طائفة برسول الله عليه الصلاة والسلام واستولت طائفة على العسكر والنهب فلما نفى الله العدو ورجع الذين طلبوهم وقالوا: لنا النفل بحسن طلبنا العدو وبنا نفاهم وهزمهم وقال الذين أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم: والله ما أنتم بأحق به منا نحن أحدقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينال العدو منه غرة فهو لنا وقال الذين استولوا على العسكر والنهب: والله ما أنتم بأحق به منا نحن أخذناه واستولينا عليه فهو لنا فأنزل الله تعالى " يَسأَلونَكَ عَنِ الأَنفالِ " فقسمه رسول الله عليه الصلاة والسلام بالسوية.
قوله تعالى " وَما رَمَيتَ إِذ رَمَيتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمى " أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد العطار قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد البياع قال: أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني قال: حدثني جدي قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال: حدثنا محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: أقبل أبي بن خلف يوم أحد إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريده فاعترض له رجال من المؤمنين فأمرهم رسول الله عليه الصلاة والسلام فخلوا سبيله فاسقبله مصعب بن عمير أحد بني عبد الدار ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ترقوة أبي من فرجة بين سابغة البيضة والدرع فطعنه بحربته فسقط أبي عن فرسه ولم يخرج من طعنته دم وكسر ضلعاً من أضلاعه فأتاه أصحابه وهو يخور خوار الثور فقالوا له: ما أعجزك إنما هو خدش فقال: والذي نفسي بيده لو كان هذا الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعين فمات أبي إلى النار فسحقاً لأصحاب السعير قبل أن يقدم مكة فأنزل الله تعالى ذلك " وَما رَمَيتَ إِذ رَمَيتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمى " .
وروى صفوان بن عمرو عن عبد العزيز بن جبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر دعا بقوس فأتى بقوس طويلة فقال: جيئوني بقوس غيرها فجاءوه بقوس كبداء فرمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحصن فأقبل السهم يهوي حتى قتل كنانة بن أبي الحقيق وهو على فراشه فأنزل الله تعالى " وَما رَمَيتَ إِذ رَمَيتَ وَلَكِنّ اللهَ رَمى " .
وأكثر أهل التفسير أن الآية نزلت في رمي النبي عليه الصلاة والسلام القبضة من حصباء الوادي يوم بدر حين قال للمشركين: شاهت الوجوه ورماهم بتلك القبضة فلم يبق عين مشرك إلا دخلها منه شيء.
قال حكيم بن حزام: لما كان يوم بدر سمعنا صوتاً وقع من السماء إلى الأرض كأنه صوت حصاة وقعت في طست ورمى رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الحصاة فانهزمنا فذلك قوله تعالى " وَما رَمَيتَ إِذ رَمَيتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمى " .
قوله تعالى " إِن تَستَفتِحوا فَقَد جاءَكُمُ الفَتحُ " أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل التاجر قال: أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ قال: حدثنا محمد بن يحيى: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال: حدثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب قال:
حدثني عبد الله بن ثعلبة بن صغير قال: كان المستفتح أبا جهل وإنه قال حين التقى بالقوم: اللهم أينا كان أقطع للرحم وأتانا بما لم نعرف فافتح له الغداة وكان ذلك استفتاحه فأنزل الله تعالى " إِن تَستَفتِحوا فَقَد جاءَكُم " إلى قوله " وَإِنَّ اللهَ مَعَ المُؤمِنينَ " رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه عن القطيعي عن ابن حنبل عن أبيه عن يعقوب.
قال السدي والكلبي: كان المشركون حين خرجوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من مكة أخذوا بأستار الكعبة وقالوا: اللهم انصر أعلى الجندين وأهدى الفئتين وأكرم الحزبين وأفضل الدينين فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال عكرمة: قال المشركون: اللهم لا نعرف ما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام فافتح بيننا وبينه بالحق فأنزل الله تعالى " إِن تَستَفتِحوا " الآية.
قوله تعالى " يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لّا تَخونوا اللهَ وَالرَسولَ " الآية.
يتبع...