من الإعجاز الطبي في السنة ( عدم إكراه المرضى على الطعام)
قال رسول الله (صلى الله عليه و سلم) : (لا تكرهوا مرضاكم على الطعام و الشرب، فإنَّ الله عز و جل يطعمهم و يسقيهم) وقوله (صلى الله عليه و سلم) (لا تكرهوا مرضاكم على الطعام و الشراب) ليس معناه ألا نطعم المرضى، و إنما ألا نجبرهم على تناول الطعام، بل يترك لهم تناول ما يرغبون من الطعام، و هذا القول النبوي نهي عن أمر يحتمل في الحقيقة،
و هو أن من حول المريض، و القائمون على خدمته يحاولون إجبار المريض على تناول الطعام ظناً منهم: أن ذلك يقوي الصحة و يساهم في الشفاء، وحقيقة الأمر ليست كذلك،
إذ ثبت في الطبِّ الحديث: أنَّ معظم الأمراض ترافق بنقص الشهية إلى الطعام والرغبة فيه متعلقة بعلم الجهاز الهضمي مرافقاً لمعظم الأمراض فإنَّ إجبار المريض على الطعام يعني عدم استفادة المريض من الطعام، ومن جهةٍ ثانية فذلك يسبب عسرة هضم لدى المريض، وهذه تزيد الحالة سوءاً، وتزيد المريض أضراراً بالجسم، و لا بد من الإشارة هنا إلى أنه إذا كان فقدان الرغبة في الطعام أو نقصانها من دلائل المرض، فإنَّ عودة الرغبة إلى الطعام إلى سابق ما كانت عليه قبل المرض هو من دلائل الشفاء،
والتعامل السديد مع المريض في مسائل الطعام و الشراب هو أن ندخل على أنبوب الهضم من الطعام و الشراب القدر الذي يستطيع التعامل معه، فمقدار الطعام هنا مرتبط بمقدار فعالية الجهاز الهضمي وقدرته على العمل، ومن هنا يستحب أن يكون مقدار الطعام قليلاً،
ويحدد هذا المقدار رغبة المريض وشهيته، وأن يكون نوع الطعام سهل الهضم ،وسهل الامتصاص أي أن يستفاد منه بأقل عمل ممكن من جهاز الهضم، و ينطبق ذلك أيضاً على الشراب، أما قوله (صلى الله عليه و سلم) (فإن الله يطعمهم ويسقيهم)
ليس معناه: أن الله ينزل على المرضى الطعام و الشراب كي يتناولونه، و إنما هي إشارة إلى سر طبيَّ ظل مجهولاً قروناً كثيرة، و تكشف للعلم الحديث، فالعلم الطبي الحديث يقول: إن المريض يكسب الطاقة من مصادر داخلية،
و هذه المصادر هي:
(1) استقلاب الغليكوجين المدَّخر في الكبد والعضلات، وهذا المصدر سريع النفاد، فإذا استمر المرض تحول الجسم إلى المصدر الثاني،
(2) استحداث السكر، أي: توليد الغلوكوز من مصارد شحمية وبروتينة حيث تتحلل البروتينات إلى حموض أمينية، وتتحلل الشحوم إلى حموض شحمية، ومن هنا تنقص الشحوم وتضمر العضلات عند المريض،
وهذا ما يتظاهر خارجياً بالهزال، على أنه متى عاد المريض إلى رغبته في الطعام قبل المرض يعود الجسم فيدَّخر الغذاء على شكل شحوم و بروتينات، فيكتنز ما تحت الجلد بالشحوم، و تنمو العضلات،
فسبحان الخالق عما خلق جل جلاله