صحيح الأخبار
في ذكر المسيح الدجال
في ذكر المسيح الدجال
كتبه
محمد سعد عبدالدايم
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ))
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا))
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ))
: أَمَّا بَعْدُ
فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ ، وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ ، وَكُلُّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ .
وإِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ .
يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمُّوا إِلَى رَبِّكُمْ فَإِنَّ مَا قَلَّ وَكَفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلْهَى .
من أعظم الفتن التي تظهر على وجه الأرض وأشدها ، هي فتنة المسيح الدجال ، وقد كتب عن المسيح الدجال الكثير ، ومعظم ما كتب يجمع بين ما يصح وما لا يصح ، وبعضها فيه أغاليط كثيرة .
لذا شرعت في جمع الأحاديث والآثار الصحيحة فقط ، لتكون بيانًا صحيحًا وشافيًا بإذن الله لهذه الفتنة العظمى .
ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة .
وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله والصحابة أجمعين
كتبه : محمد سعد عبدالدابم
21/1/1431 الموافق 7/1/2010
إشارة القرآن الكريم إلى ذكر الدجال :
قال تعالى : ((هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ ، يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ ))
قال ابن كثير : يقول تعالى متوعدا للكافرين به والمخالفين لرسله والمكذبين بآياته والصادين عن سبيله "هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك" وذلك كائن يوم القيامة
"أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها" وذلك قبل يوم القيامة كائن من أمارات الساعة وأشراطها كما قال البخاري في تفسير هذه الآية حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الواحد حدثنا عمارة حدثنا أبو زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا رآها الناس آمن من عليها فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل" وقد رواه مسلم .
وروى رواه مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله تعالى عليه وآله وسلم ثلاث إذا خرجن "لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا" طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض ورواه أحمد .
وهذا هو تفسير النبي صلى الله عليه وسلم لآيات الله تبارك وتعالى ، فلا حجة لمنكر يأتي ويقول لم يرد ذكر الدجال في القرآن ، فالله تبارك وتعالى أنزل الكتاب والنبي صلى الله عليه وسلم بين أحسن البيان .
كما أن السنة أثبتت خروج الدجال ، فلا يستطيع أن ينكره إلا جاحد ، والسنة وحي من الله تعالى ، والنبي صلى الله عليه وسلم مبلغ عن ربه تبارك وتعالى ، ويكفي الإشارة لذلك وإلا فالمسألة مقررة لا تحتاج لمزيد بيان .
فتنة الدجال من أعظم الفتن
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سِتًّا طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا أَوْ الدُّخَانَ أَوْ الدَّجَّالَ أَوْ الدَّابَّةَ أَوْ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ ، أَوْ أَمْرَ الْعَامَّةِ ))
قال النووي : قَالَ هِشَام : خَاصَّة أَحَدكُمْ الْمَوْت .
وَقَالَ قَتَادَة : أَمْر الْعَامَّة الْقِيَامَة .
وبادروا بالأعمال ستًا : أي عليكم بالمبادرة والإسراع بالأعمال الصالحة والتوبة من قبل حدوث هذه الأشياء التي إذا جاءت فإن باب التوبة يغلق فلا تقبل التوبة بعده من أحد بعد ذلك ، ولا العمل الصالح .
عن هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ خَلْقٌ أَكْبَرُ مِنْ الدَّجَّالِ )) وفي رواية (( أَمْرٌ أَكْبَرُ مِنْ الدَّجَّالِ ))
أي أكبر فتنة وأعظم شوكة ، حتى أن فتنته تعدل فتنة القبر أو أشد
فعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهَا قَالَتْ في حديث صلاة الكسوف قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( .. وَأُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ ..))
وبالرغم من أن فتنة القبر كبيرة وعصيبة إلا أن فتنة الدجال أشد حتى أنه صلى الله عليه وسلم قال عنها أنها قريبة من فتنة الدجال ، وذلك لأن الدجال سيخرج على الناس بأشياء تحير الألباب وتفتنهم عن دينهم كما سيأتي .
ـ وظهور الدجال من علامات الساعة الكبرى
عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ : (( اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ فَقَالَ : مَا تَذَاكَرُونَ ؟ قَالُوا : نَذْكُرُ السَّاعَةَ ، قَالَ : إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ فَذَكَرَ : الدُّخَانَ ، وَالدَّجَّالَ ، وَالدَّابَّةَ ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، وَثَلاثَةَ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنْ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ ))
ـ وظهور الدجال من علامات الساعة الكبرى التي إن ظهرت لم ينفع نفس إيمانها لم تكن أمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( ثَلاثٌ إِذَا خَرَجْنَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا : طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَالدَّجَّالُ وَدَابَّةُ الأَرْضِ ))
يعني يغلق باب التوبة ، فلا يقبل من أحد شيئًا بعد ذلك ، كحال الميت عند الغرغرة ، لا تقبل توبته ولا إيمانه إذا لم يكن من أهل الإيمان والخير قبل ذلك ، فمن لم يكن من أهل الإيمان من قبل طلوع الشمس من مغربها وخروج الدجال ودابة الأرض ، فإنه لن ينفعه حينئذ أن يؤمن أو يتوب ، أو يكسب في إيمانه خيرًا .
ـ لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ في صلاته من الدجال
عَنْ عَائِشَةَ : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلاةِ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ ))
المغرم : الدين الذي يعجز عن أدائه .
عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : (( سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِيذُ فِي صَلاتِهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ ))
بل وأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمته بالتعوذ من فتنته في دبر كل صلاة ، وهو من الأمور الواجبة في الصلاة :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ))
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم للدجال :
ـ رؤيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له ليلة الإسراء والمعراج :
عن ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مُوسَى رَجُلاً آدَمَ طُوَالاً جَعْدًا ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ ، وَرَأَيْتُ عِيسَى رَجُلاً مَرْبُوعًا ، مَرْبُوعَ الْخَلْقِ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ ، سَبِطَ الرَّأْسِ ، وَرَأَيْتُ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ ، وَالدَّجَّالَ ، فِي آيَاتٍ أَرَاهُنَّ اللَّهُ إِيَّاهُ : "فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ" ، قَالَ أَنَسٌ وَأَبُو بَكْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( تَحْرُسُ الْمَلائِكَةُ الْمَدِينَةَ مِنْ الدَّجَّالِ ))
ـ رؤيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له في المنام :
كما في البخاري وغيره
عن عَبْد اللَّهِ بن عمر قال : ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَيْنَ ظَهْرَيْ النَّاسِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ فَقَالَ : (( إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ ، أَلا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى ، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ ، وَأَرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فِي الْمَنَامِ : فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ كَأَحْسَنِ مَا يُرَى مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ تَضْرِبُ لِمَّتُهُ بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ رَجِلُ الشَّعَرِ يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ ، فَقُلْتُ : مَنْ هَذَا ؟ فَقَالُوا : هَذَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ، ثُمَّ رَأَيْتُ رَجُلاً وَرَاءَهُ جَعْدًا قَطِطًا أَعْوَرَ الْعَيْنِ الْيُمْنَى ، كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ بِابْنِ قَطَنٍ ، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلٍ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَقُلْتُ : مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا : الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ ))
(كَأَنَّ عَيْنه عِنَبَة طَافِيَة ) أَيْ بَارِزَة , وَهُوَ مِنْ طَفَا الشَّيْء يَطْفُو إِذَا عَلا عَلَى غَيْره وَشَبَّهَهَا بِالْعِنَبَةِ الَّتِي تَقَع فِي الْعُنْقُود بَارِزَة عَنْ نَظَائِرهَا
( آدَم ) بِالْمَدِّ أَيْ أَسْمَر .
( تَضْرِب لِمَّته ) أَيْ شَعْر رَأْسه , وَيُقَال لَهُ إِذَا جَاوَزَ شَحْمَة الأُذُنَيْنِ وَأَلَمَّ بِالْمَنْكِبَيْنِ لِمَّة , وَإِذَا جَاوَزَتْ الْمَنْكِبَيْنِ فَهِيَ جُمَّة وَإِذَا قَصُرَتْ عَنْهُمَا فَهِيَ وَفْرَة .
( رَجِل الشَّعْر ) أَيْ قَدْ سَرَّحَهُ وَدَهَنَهُ
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة سَالِم الآتِيَة فِي نَعْت عِيسَى " أَنَّهُ آدَم سَبِط الشَّعْر " وَفِي الْحَدِيث الَّذِي قَبْله فِي نَعْت عِيسَى " أَنَّهُ جَعْد " وَالْجَعْد ضِدّ السَّبِط فَيُمْكِن أَنْ يُجْمَع بَيْنهمَا بِأَنَّهُ سَبِط الشَّعْر وَوَصْفه لِجُعُودَةِ فِي جِسْمه لا شَعْره وَالْمُرَاد بِذَلِكَ اِجْتِمَاعه وَاكْتِنَازه .
وَهَذَا الاخْتِلاف نَظِير الاخْتِلاف فِي كَوْنه آدَم أَوْ أَحْمَر , وَالأَحْمَر عِنْد الْعَرَب الشَّدِيد الْبَيَاض مَعَ الْحُمْرَة , وَالآدَم الأَسْمَر , وَيُمْكِن الْجَمْع بَيْن الْوَصْفَيْنِ بِأَنَّهُ اِحْمَرَّ لَوْنه بِسَبَبٍ كَالتَّعَبِ وَهُوَ فِي الأَصْل أَسْمَر .
وَقَدْ وَافَقَ أَبُو هُرَيْرَة عَلَى أَنَّ عِيسَى أَحْمَر فَظَهَرَ أَنَّ اِبْن عُمَر أَنْكَرَ شَيْئًا حَفِظَهُ غَيْره , وَأَمَّا قَوْل الدَّاوُدِيُّ أَنَّ رِوَايَة مَنْ قَالَ " آدَم " أَثْبَت فَلا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ مَعَ اِتِّفَاق أَبِي هُرَيْرَة وَابْن عَبَّاس عَلَى مُخَالَفَة اِبْن عُمَر . وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة عَبْد الرَّحْمَن بْن آدَم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فِي نَعْت عِيسَى " أَنَّهُ مَرْبُوع إِلَى الْحُمْرَة وَالْبَيَاض " وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
( قَطَطًا ) وَالْمُرَاد بِهِ شِدَّة جُعُودَة الشَّعْر , وَيُطْلَق فِي وَصْف الرَّجُل وَيُرَاد بِهِ الذَّمّ يُقَال جَعْد الْيَدَيْنِ وَجَعْد الأَصَابِع أَيْ بَخِيل , وَيُطْلَق عَلَى الْقَصِير أَيْضًا , وَأَمَّا إِذَا أُطْلِقَ فِي الشَّعْر فَيَحْتَمِل الذَّمّ وَالْمَدْح .
ـ و لقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من فتنته وبَيَنَّ صفة الدجال حتى يستطيع معرفته كل من راءه ، ونذكر هنا الأحاديث التي جاءت في ذكر صفة الدجال فهي من الأهمية بمكان حتى يعرفه كل مؤمن :
عن ابْن عُمَر قال : (( قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ : إِنِّي أُنْذِرُكُمُوهُ ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلا قَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ ، لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ ، وَلَكِنْ سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلاً لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ ، تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ ، وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ ))
وفي إحدى روايات حديث الرؤية : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( فَذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ جَعْدُ الرَّأْسِ أَعْوَرُ عَيْنِهِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا هَذَا الدَّجَّالُ ))
وعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ الدَّجَّالَ عِنْدَهُ فَقَالَ : (( عَيْنُهُ خَضْرَاءُ كَالزُّجَاجَةِ ))
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( مَا بُعِثَ نَبِيٌّ إِلا أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الْكَذَّابَ ، أَلا إِنَّهُ أَعْوَرُ ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ ، وَإِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ "كَافِرٌ" ))
وعند مسلم : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( إِنَّهُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يَقْرَؤُهُ مَنْ كَرِهَ عَمَلَهُ أَوْ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ ، وَقَالَ تَعَلَّمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَمُوتَ))
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( الدَّجَّالُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ ثُمَّ تَهَجَّاهَا : "ك ف ر" ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُسْلِمٍ ))
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( إِنِّي قَدْ حَدَّثْتُكُمْ عَنْ الدَّجَّالِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ لا تَعْقِلُوا ، إِنَّ مَسِيحَ الدَّجَّالِ رَجُلٌ قَصِيرٌ أَفْحَجُ ، جَعْدٌ أَعْوَرُ ، مَطْمُوسُ الْعَيْنِ لَيْسَ بِنَاتِئَةٍ ، وَلا حَجْرَاءَ ، فَإِنْ أُلْبِسَ عَلَيْكُمْ ، فَاعْلَمُوا أَنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَيْسَ بِأَعْوَرَ ، وَأَنَّكُمْ لَنْ تَرَوْاَ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَتَّى تَمُوتُوا ))
ومن الأحاديث يتبين أن الدجال رجل قصير مكتنز ضخم الجثة شديد الخلقة أسمر اللون وفي وجهه حمرة ، ذو شعر كثير ملتف خشن شديد الجعودة كأن شعره أغصان شجرة ، أفحج الساقين أي بعيد ما بينهما فإذا مشى باعد بين رجليه كالمختتن وهذا من جملة عيوبه ،كما أنه أعور العين اليمنى و هي ممسوحة مطموسة لا يرى بها قد تساوت بوجنته فهي ليست بغائرة ولا بارزة
و عينه الشمال بارزة جاحظة كأنها عنبة طافية ، وصح الحديث بأنه لا يولد له ولد ، كما أنه مكتوب بين عينيه كلمة (كافر) يقرؤها كل مؤمن يعرف القراءة أو لا يعرف
ـ والدجال عقيم لا يولد له ولد :
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : (( خَرَجْنَا حُجَّاجًا أَوْ عُمَّارًا ، وَمَعَنَا ابْنُ صَائِدٍ ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَبَقِيتُ أَنَا وَهُوَ فَاسْتَوْحَشْتُ مِنْهُ وَحْشَةً شَدِيدَةً مِمَّا يُقَالُ عَلَيْهِ ، وَجَاءَ بِمَتَاعِهِ فَوَضَعَهُ مَعَ مَتَاعِي ، فَقُلْتُ : إِنَّ الْحَرَّ شَدِيدٌ فَلَوْ وَضَعْتَهُ تَحْتَ تِلْكَ الشَّجَرَةِ ، فَفَعَلَ ، فَرُفِعَتْ لَنَا غَنَمٌ فَانْطَلَقَ فَجَاءَ بِعُسٍّ ، فَقَالَ : اشْرَبْ أَبَا سَعِيدٍ ، فَقُلْتُ : إِنَّ الْحَرَّ شَدِيدٌ وَاللَّبَنُ حَارٌّ ، مَا بِي إِلا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَشْرَبَ عَنْ يَدِهِ ، فَقَالَ : أَبَا سَعِيدٍ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آخُذَ حَبْلاً فَأُعَلِّقَهُ بِشَجَرَةٍ ثُمَّ أَخْتَنِقَ مِمَّا يَقُولُ لِي النَّاسُ ، يَا أَبَا سَعِيدٍ مَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا خَفِيَ عَلَيْكُمْ مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ، أَلَسْتَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟! أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هُوَ كَافِرٌ ، وَأَنَا مُسْلِمٌ ، أَوَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هُوَ عَقِيمٌ لا يُولَدُ لَهُ ، وَقَدْ تَرَكْتُ وَلَدِي بِالْمَدِينَةِ ، أَوَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَلا مَكَّةَ وَقَدْ أَقْبَلْتُ مِنْ الْمَدِينَةِ وَأَنَا أُرِيدُ مَكَّةَ ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ : حَتَّى كِدْتُ أَنْ أَعْذِرَهُ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْرِفُهُ وَأَعْرِفُ مَوْلِدَهُ وَأَيْنَ هُوَ الآنَ ، قَالَ قُلْتُ لَهُ : تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ ))
سبب تسميته بالمسيح :
قال الحافظ في الفتح : وَاخْتُلِفَ فِي تَلْقِيب الدَّجَّال بِذَلِكَ , فَقِيلَ : لأَنَّهُ مَمْسُوح الْعَيْن , وَقِيلَ لأَنَّ أَحَد شِقَّيْ وَجْهه خُلِقَ مَمْسُوحًا لا عَيْن فِيهِ وَلا حَاجِب , وَقِيلَ لأَنَّهُ يَمْسَح الأَرْض إِذَا خَرَجَ
ـ وإن من العجائب التي قد لا يعرفها الكثير من الناس أن المسيح الدجال حي ، وموجود غير أنه مقيد ومحبوس في أحد جزر البحار في ناحية المشرق ، كما ورد بذلك الحديث في صحيح مسلم وغيره و الحديث معروف عند علماء الحديث بحديث الجساسة
عن فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ قالت : (( سَمِعْتُ نِدَاءَ الْمُنَادِي مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَادِي الصَّلاةَ جَامِعَةً فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكُنْتُ فِي صَفِّ النِّسَاءِ الَّتِي تَلِي ظُهُورَ الْقَوْمِ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلاتَهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم :
(( لِيَلْزَمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُصَلاهُ ، ثُمَّ قَالَ : أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ ؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ .
قَالَ : إِنِّي وَاللَّهِ مَا جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلا لِرَهْبَةٍ ، وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ لأَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ كَانَ رَجُلاً نَصْرَانِيًّا ، فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ ، وَحَدَّثَنِي حَدِيثًا وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ مَسِيحِ الدَّجَّالِ حَدَّثَنِي : أَنَّهُ رَكِبَ فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ ، مَعَ ثَلاثِينَ رَجُلاً مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامَ ، فَلَعِبَ بِهِمْ الْمَوْجُ شَهْرًا فِي الْبَحْرِ ، ثُمَّ أَرْفَئُوا إِلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ حَتَّى مَغْرِبِ الشَّمْسِ ، فَجَلَسُوا فِي أَقْرُبْ السَّفِينَةِ فَدَخَلُوا الْجَزِيرَةَ ، فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ ، لا يَدْرُونَ مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ فَقَالُوا : وَيْلَكِ مَا أَنْتِ ؟ فَقَالَتْ : أَنَا الْجَسَّاسَةُ ، قَالُوا : وَمَا الْجَسَّاسَةُ ، قَالَتْ : أَيُّهَا الْقَوْمُ انْطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ ، فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالأَشْوَاقِ ، قَالَ : لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلاً فَرِقْنَا مِنْهَا أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً ، قَالَ : فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ ، فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا ، وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا ، مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ ، مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى كَعْبَيْهِ بِالْحَدِيدِ ، قُلْنَا : وَيْلَكَ مَا أَنْتَ ؟ قَالَ : قَدْ قَدَرْتُمْ عَلَى خَبَرِي ، فَأَخْبِرُونِي : مَا أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : نَحْنُ أُنَاسٌ مِنْ الْعَرَبِ رَكِبْنَا فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ فَصَادَفْنَا الْبَحْرَ حِينَ اغْتَلَمَ فَلَعِبَ بِنَا الْمَوْجُ شَهْرًا ثُمَّ أَرْفَأْنَا إِلَى جَزِيرَتِكَ هَذِهِ فَجَلَسْنَا فِي أَقْرُبِهَا فَدَخَلْنَا الْجَزِيرَةَ فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ لا يُدْرَى مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ فَقُلْنَا وَيْلَكِ مَا أَنْتِ فَقَالَتْ أَنَا الْجَسَّاسَةُ قُلْنَا وَمَا الْجَسَّاسَةُ قَالَتْ اعْمِدُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالأَشْوَاقِ فَأَقْبَلْنَا إِلَيْكَ سِرَاعًا وَفَزِعْنَا مِنْهَا وَلَمْ نَأْمَنْ أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً .
فَقَالَ : أَخْبِرُونِي عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ ؟
قُلْنَا : عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ ؟
قَالَ : أَسْأَلُكُمْ عَنْ نَخْلِهَا هَلْ يُثْمِرُ ؟
قُلْنَا لَهُ : نَعَمْ .
قَالَ : أَمَا إِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ لا تُثْمِرَ .
قَالَ : أَخْبِرُونِي عَنْ بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ ؟
قُلْنَا : عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ ؟
قَالَ : هَلْ فِيهَا مَاءٌ ؟
قَالُوا : هِيَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ .
قَالَ : أَمَا إِنَّ مَاءهَا يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ>
قَالَ : أَخْبِرُونِي عَنْ عَيْنِ زُغَرَ .
قَالُوا : عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ ؟
قَالَ : هَلْ فِي الْعَيْنِ مَاءٌ ، وَهَلْ يَزْرَعُ أَهْلُهَا بِمَاءِ الْعَيْنِ ؟
قُلْنَا : لَهُ نَعَمْ هِيَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ وَأَهْلُهَا يَزْرَعُونَ مِنْ مَائِهَا .
قَالَ : أَخْبِرُونِي عَنْ نَبِيِّ الأُمِّيِّينَ مَا فَعَلَ ؟
قَالُوا : قَدْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَنَزَلَ يَثْرِبَ .
قَالَ : أَقَاتَلَهُ الْعَرَبُ ؟
قُلْنَا : نَعَمْ .
قَالَ : كَيْفَ صَنَعَ بِهِمْ ؟
فَأَخْبَرْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ يَلِيهِ مِنْ الْعَرَبِ وَأَطَاعُوهُ .
قَالَ لَهُمْ : قَدْ كَانَ ذَلِكَ ؟
قُلْنَا : نَعَمْ .
قَالَ : أَمَا إِنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ ، وَإِنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي ، إِنِّي أَنَا الْمَسِيحُ ، وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ ، فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِي الأَرْضِ ، فَلا أَدَعَ قَرْيَةً إِلا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ ، فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا ، كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمَا اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا يَصُدُّنِي عَنْهَا ، وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلائِكَةً يَحْرُسُونَهَا.
قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ فِي الْمِنْبَرِ :
هَذِهِ طَيْبَةُ .. هَذِهِ طَيْبَةُ .. هَذِهِ طَيْبَةُ .. يَعْنِي الْمَدِينَةَ .. أَلا هَلْ كُنْتُ حَدَّثْتُكُمْ ذَلِكَ ؟
فَقَالَ النَّاسُ : نَعَمْ .
فَإِنَّهُ أَعْجَبَنِي حَدِيثُ تَمِيمٍ أَنَّهُ وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ وَعَنْ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ ، أَلا إِنَّهُ فِي بَحْرِ الشَّأْمِ ، أَوْ بَحْرِ الْيَمَنِ ، لا بَلْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ ، مَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ ، مَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ ، مَا هُوَ ، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَشْرِقِ ، قَالَتْ : فَحَفِظْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ))
قال النووي:قال القاضي لفظة (ما هو) زائدة صلة للكلام ليست بنافية و المراد إثبات أنه في جهات المشرق.
وعند أبي داود: (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَّرَ الْعِشَاءَ الآخِرَةَ ذَاتَ لَيْلَةٍ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ : إِنَّهُ حَبَسَنِي حَدِيثٌ كَانَ يُحَدِّثُنِيهِ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ عَنْ رَجُلٍ كَانَ فِي جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ تَجُرُّ شَعْرَهَا ، قَالَ : مَا أَنْتِ ؟ قَالَتْ : أَنَا الْجَسَّاسَةُ اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ الْقَصْرِ فَأَتَيْتُهُ فَإِذَا رَجُلٌ يَجُرُّ شَعْرَهُ مُسَلْسَلٌ فِي الأَغْلالِ يَنْزُو فِيمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، فَقُلْتُ : مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : أَنَا الدَّجَّالُ ، خَرَجَ نَبِيُّ الأُمِّيِّينَ بَعْدُ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : أَطَاعُوهُ أَمْ عَصَوْهُ ؟ قُلْتُ : بَلْ أَطَاعُوهُ ، قَالَ : ذَاكَ خَيْرٌ لَهُمْ ))
فيَحْتَمِل أَنَّ لِلدَّجَّالِ جَسَّاسَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا دَابَّة وَالثَّانِيَة اِمْرَأَة وَيَحْتَمِل أَنَّ الْجَسَّاسَة كَانَتْ شَيْطَانَة تَمَثَّلَتْ تَارَة فِي صُورَة دَابَّة وَأُخْرَى فِي صُورَة اِمْرَأَة , وَلِلشَّيْطَانِ التَّشَكُّل فِي أَيّ تَشَكُّل أَرَادَ وَيَحْتَمِل أَنْ تُسَمَّى الْمَرْأَة دَابَّة.
ـ أما وقت خروج الدجال فإنه يخرج عقب عدة معارك للمسلمين
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقٍ ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنْ الْمَدِينَةِ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ ، فَإِذَا تَصَافُّوا قَالَتْ : الرُّومُ خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ ، فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ : لا وَاللَّهِ لا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا ، فَيُقَاتِلُونَهُمْ ، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لا يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا ، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ لا يُفْتَنُونَ أَبَدًا ، فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ إِذْ صَاحَ فِيهِمْ الشَّيْطَانُ : إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ فَيَخْرُجُونَ وَذَلِكَ بَاطِلٌ ، فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ ، فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ إِذْ أُقِيمَتْ الصَّلاةُ ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَّهُمْ ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللَّهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ ، فَلَوْ تَرَكَهُ لانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللَّهُ بِيَدِهِ فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ ))
( الأَعْمَاق وَدَابِق ) مَوْضِعَانِ بِالشَّامِ بِقُرْبِ حَلَب ، ودابق اسم نهر .
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( عُمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ ، وَخَرَابُ يَثْرِبَ خُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ ، وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ، وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِ الَّذِي حَدَّثَهُ أَوْ مَنْكِبِهِ ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَا لَحَقٌّ كَمَا أَنَّكَ هَاهُنَا ، أَوْ كَمَا أَنَّكَ قَاعِدٌ ، يَعْنِي مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ ))
عَنْ يُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ : (( هَاجَتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ بِالْكُوفَةِ ، فَجَاءَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ هِجِّيرَى إِلا : يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ جَاءَتْ السَّاعَةُ .. قَالَ : فَقَعَدَ وَكَانَ مُتَّكِئًا ، فَقَالَ : إِنَّ السَّاعَةَ لا تَقُومُ حَتَّى لا يُقْسَمَ مِيرَاثٌ ، وَلا يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ ، ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا ، وَنَحَّاهَا نَحْوَ الشَّأْمِ .
فَقَالَ : عَدُوٌّ يَجْمَعُونَ لأَهْلِ الإِسْلامِ ، وَيَجْمَعُ لَهُمْ أَهْلُ الإِسْلامِ .
قُلْتُ : الرُّومَ تَعْنِي ؟
قَالَ : نَعَمْ ، وَتَكُونُ عِنْدَ ذَاكُمْ الْقِتَالِ رَدَّةٌ شَدِيدَةٌ ، فَيَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لا تَرْجِعُ إِلا غَالِبَةً ، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمْ اللَّيْلُ ، فَيَفِيءُ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لا تَرْجِعُ إِلا غَالِبَةً ، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمْ اللَّيْلُ ، فَيَفِيءُ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لا تَرْجِعُ إِلا غَالِبَةً فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يُمْسُوا فَيَفِيءُ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الرَّابِعِ نَهَدَ إِلَيْهِمْ بَقِيَّةُ أَهْلِ الإِسْلامِ ، فَيَجْعَلُ اللَّهُ الدَّبْرَةَ عَلَيْهِمْ فَيَقْتُلُونَ مَقْتَلَةً ، إِمَّا قَالَ : لا يُرَى مِثْلُهَا ، وَإِمَّا قَالَ : لَمْ يُرَ مِثْلُهَا ، حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ بِجَنَبَاتِهِمْ فَمَا يُخَلِّفُهُمْ حَتَّى يَخِرَّ مَيْتًا ، فَيَتَعَادُّ بَنُو الأَبِ كَانُوا مِائَةً ، فَلا يَجِدُونَهُ بَقِيَ مِنْهُمْ إِلا الرَّجُلُ الْوَاحِدُ فَبِأَيِّ غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ ، أَوْ أَيُّ مِيرَاثٍ يُقَاسَمُ .
فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعُوا بِبَأْسٍ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ ، فَجَاءَهُمْ الصَّرِيخُ : إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَهُمْ فِي ذَرَارِيِّهِمْ ، فَيَرْفُضُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَيُقْبِلُونَ ، فَيَبْعَثُونَ عَشَرَةَ فَوَارِسَ طَلِيعَةً قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِّي لأَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ وَأَلْوَانَ خُيُولِهِمْ هُمْ خَيْرُ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ ))
( فَيَشْتَرِط الْمُسْلِمُونَ شُرْطَة لِلْمَوْتِ ) الشُّرْطَة بِضَمِّ الشِّين طَائِفَة مِنْ الْجَيْش تُقَدَّم لِلْقِتَالِ .
عَنْ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ : (( كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ ، عَلَيْهِمْ ثِيَابُ الصُّوفِ ، فَوَافَقُوهُ عِنْدَ أَكَمَةٍ ، فَإِنَّهُمْ لَقِيَامٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ ، فَقَالَتْ لِي نَفْسِي : ائْتِهِمْ فَقُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ لا يَغْتَالُونَهُ ، ثُمَّ قُلْتُ : لَعَلَّهُ نَجِيٌّ مَعَهُمْ ، فَأَتَيْتُهُمْ فَقُمْتُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ ، فَحَفِظْتُ مِنْهُ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ أَعُدُّهُنَّ فِي يَدِي ، قَالَ : تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ، ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ، ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ، ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللَّهُ ، فَقَالَ نَافِعٌ : لا نَرَى الدَّجَّالَ يَخْرُجُ حَتَّى تُفْتَحَ الرُّومُ ))
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( سَمِعْتُمْ بِمَدِينَةٍ جَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَرِّ وَجَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ ، قَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَغْزُوَهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ بَنِي إِسْحَقَ ، فَإِذَا جَاءُوهَا نَزَلُوا فَلَمْ يُقَاتِلُوا بِسِلاحٍ ، وَلَمْ يَرْمُوا بِسَهْمٍ ، قَالُوا : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، فَيَسْقُطُ أَحَدُ جَانِبَيْهَا ، الَّذِي فِي الْبَحْرِ ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّانِيَةَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ فَيَسْقُطُ جَانِبُهَا الآخَرُ ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّالِثَةَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، فَيُفَرَّجُ لَهُمْ فَيَدْخُلُوهَا فَيَغْنَمُوا ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْمَغَانِمَ ، إِذْ جَاءَهُمْ الصَّرِيخُ فَقَالَ : إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَرَجَ ، فَيَتْرُكُونَ كُلَّ شَيْءٍ وَيَرْجِعُونَ ))
قال النووي : ( يَغْزُوهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ بَنِي إِسْحَاق ) قَالَ الْقَاضِي : كَذَا هُوَ فِي جَمِيع أُصُول صَحِيح مُسْلِم : ( مِنْ بَنِي إِسْحَاق ) . قَالَ : قَالَ بَعْضهمْ : الْمَعْرُوف الْمَحْفُوظ مِنْ ( بَنِي إِسْمَاعِيل ) , وَهُوَ الَّذِي يَدُلّ عَلَيْهِ الْحَدِيث وَسِيَاقه ; لأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ الْعَرَب , وَهَذِهِ الْمَدِينَة هِيَ الْقُسْطَنْطِينِيَّة .