بــــــلال بـن ربــــاحرضي الله عنه وأرضاهاسمه وحاله قبل الإسلامهو بلال بن رباح الحبشي المؤذن، مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، اشتراه ثم أعتقه، وكان له خازنًا، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنًا،
وكان رضي الله عنه صادق الإسلام، طاهر القلب.
واسم أبيه رباح، واسم أمه حمامة.
وقد ولد رضي الله عنه بعد حادث الفيل بثلاث سنين أو أقل، وكان رجلاً شديد الأدمة، نحيفًا، طوالاً، أجنأ، له شعر كثير، خفيف العارضين.
أجنأ:أَشْرَفَ كاهِلُه على صدره.
إسلامه
كان
رضي الله عنه من السابقين إلى الإسلام
وقد رُوي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر اعتزلا في غار، فبينما هما كذلك إذ مرّ بهما بلال وهو في غنم عبدالله بن جدعان، وبلال مُولَّد من مولدي مكة. وكان لعبد الله بمكة مائة مملوك مولّد، فلما بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم أمر بهم فأخرجوا من مكة إلا بلالاً يرعى عليه غنمه تلك. فأطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من ذلك الغار، فقال: "يا راعي، هل من لبن؟" فقال بلال: ما لي إلا شاة منها قوتي، فإن شئتما آثرتكما بلبنها اليوم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اِيت بها".
فجاء بها فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقعبه فاعتقلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلب في القعب حتى ملأه فشرب حتى روي، ثم حلب حتى ملأه فسقى أبا بكر، ثم احتلب حتى ملأه فسقى بلالاً حتى روي، ثم أرسلها وهي أحفل ما كانت، ثم قال: "هل لك في الإسلام؟ فإني رسول الله". فأسلم، وقال: "اكتم إسلامك". ففعل وانصرف بغنمه وبات بها وقد أضعف لبنها، فقال له أهله: لقد رعيت مرعى طيبًا فعليك به. فعاد إليه ثلاثة أيام يستقيهما ويتعلم الإسلام، حتى علم المشركون بإسلامه، فقاموا بتعذيبه أشد العذاب.
القعب: إناء ضخم كالقصعة.
مكانته وفضله
روى مسلم بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال رضي الله عنه عند صلاة الغداة:
"يا بلال، حدثني بأرجى عمل عملته عندك في الإسلام منفعة؛ فإني سمعت الليلة خشف نعليك بين يدي في الجنة".
قال بلال رضي الله عنه: ما عملت عملاً في الإسلام أرجى عندي منفعة من أني لا أتطهر طهورًا تامًّا في ساعة من ليل ولا نهار، إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي أن أصلي.
وروى البخاري بسنده عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:
كان عمر رضي الله عنه يقول: "أبو بكر سيدُنا، وأعتق سيدَنا" يعني بلالاً.
وكان بلال رضي الله عنه أول من أذَّن للصلاة، وهو مؤذِّن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"نعم المرء بلال، هو سيد المؤذنين، ولا يتبعه إلا مؤذن، والمؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة".
أثر الرسول في تربيتهعن عبد الله بن محمد بن الحنفية قال:
انطلقت أنا وأبي إلى صهرٍ لنا من الأنصار نعوده، فحضرت الصلاة، فقال لبعض أهله: يا جارية، ائتوني بوضوء لعلِّي أصلي فأستريح. قال: فأنكرنا ذلك عليه، فقال: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قم يا بلال، فأرحنا بالصلاة".
لقد تربى بلال رضي الله عنه وتعلم في مدرسة النبوة، ورافق النبي صلى الله عليه وسلم كثيرًا، مما كان له الأثر الكبير في شخصيته رضي الله عنه. ولقد اكتشف النبي صلى الله عليه وسلم موهبته ومهارته وصوته النديّ، فأمره أن يؤذن، فكان أول مؤذن في الإسلام.
أهم ملامح شخصيته
الصبر والثبات في سبيل الله
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
"كان أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمار، وأمه سمية، وصهيب، وبلال، والمقداد؛ فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه أبي طالب، وأما أبو بكر رضي الله عنه فمنعه الله بقومه، وأما سائرهم فأخذهم المشركون وأُلبسوا أدراع الحديد وصهروهم في الشمس، فما منهم أحد إلا وأتاهم على ما أرادوا إلا بلال، فإنه هانت عليه نفسه في الله، وهان على قومه فأخذوه فأعطوه الولدان، فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول: أحد أحد.
وكان أميّة بن خلف يخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة على صدره، ثم يقول: لا يزال على ذلك حتى يموت أو يكفر بمحمد. فيقول وهو في ذلك: أحد أحد.
بعض المواقف من حياته مع الرسول
روى البخاري بسنده، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه قال:
سرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة، فقال بعض القوم: لو عَرَّسْتَ بنا يا رسول الله. قال: "أخاف أن تناموا عن الصلاة". قال بلال: أنا أوقظكم، فاضطجعوا. وأسند بلال ظهره إلى راحلته فغلبته عيناه فنام، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وقد طلع حاجب الشمس، فقال: "يا بلال، أين ما قلت؟" قال: ما ألقيت عليَّ نومة مثلها قطُّ. قال: "إن الله قبض أرواحكم حين شاء، وردها عليكم حين شاء، يا بلال، قُمْ فأذن بالناس بالصلاة".
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن بلال رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بلال، ألقِ الله فقيرًا ولا تلقه غنيًّا". قال: قلت: وكيف لي بذلك يا رسول الله؟ قال: "إذا رزقت فلا تخبأ، وإذا سئلت فلا تمنع". قال: قلت: وكيف لي بذلك يا رسول الله؟ قال:"هو ذاك وإلا فالنار".
بعض المواقف من حياته مع الصحابةمع أبي بكر .. رضي الله عنه
عن سهل رضي الله عنه قال:
خرج النبي صلى الله عليه وسلم يصلح بين بني عمرو بن عوف وحانت الصلاة، فجاء بلالٌ أبا بكر رضي الله عنه فقال: حبس النبي صلى الله عليه وسلم، فتؤُمُّ الناس؟ قال: نعم، إن شئتم. فأقام بلال الصلاة، فتقدم أبو بكر رضي الله عنه فصلى، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يمشي في الصفوف يشقها شقًّا حتى قام في الصف الأول، فأخذ الناس بالتصفيح ، وكان أبو بكر رضي الله عنه لا يلتفت في صلاته، فلما أكثروا التفت فإذا النبي صلى الله عليه وسلم في الصف، فأشار إليه مكانك، فرفع أبو بكر يديه فحمد الله، ثم رجع القهقرى وراءه، وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى.